الوسواس القهري والألم الجسدي: ما العلاقة؟

غالبًا ما نكون على دراية بالتحديات العقلية التي يمكن أن يسببها الوسواس القهري، ولكن هذا الاضطراب يمكن أن يسبب أيضًا ألمًا جسديًا، فالوسواس القهري (OCD) هو اضطراب صحة عقلية يشمل الأفكار الوسواسية والسلوكيات التكرارية والقهرية.

بينما يتحدث الناس غالبًا عن التأثيرات العاطفية والعقلية للوسواس القهري، فإن التأثيرات الجسدية له غالبًا ما تُترك خارج النقاش.

السلوكيات القهرية مثل غسل اليدين يمكن أن تسبب أذى جسدي لليدين، والسلوكيات المهدئة للنفس مثل سحب الشعر يمكن أن تضر بالجلد، وقد ربطت الدراسات بين الوسواس القهري والألم المزمن.

عندما يكون للوسواس القهري تأثيرات ضارة على جسدك، فقد يكون من المفيد أن تضم بعض طرق الرعاية الذاتية إلى خطة العلاج الخاصة بك وروتينك اليومي.

خمس طرق يكون فيها الوسواس القهري ذو صلة بالألم الجسدي

١. السلوكيات القهرية يمكن أن تسبب الألم

السلوكيات القهرية هي السلوكيات التكرارية التي تقوم بها للتخفيف من القلق.

قد تشعر أنه إذا لم تقم بسلوك معين عددًا محددًا من المرات، أو لفترة زمنية محددة – مثل غسل يديك – فسيحدث شيء سيء، قد تشعر بالحاجة إلى تكرار هذا السلوك عشرات أو مئات المرات.

الدافع للانخراط في سلوك قهري قوي لدرجة أن الناس يستمرون في أدائها على الرغم من أنها تسبب تأثيرات سلبية على الصحة أو ألم جسدي، على سبيل المثال، يمكن أن تسبب السلوكيات القهرية الألم من خلال:

  • إصابة اليدين بالأذى أو النزيف بسبب غسل اليدين المتكرر قهريًا
  • استخدام مواد كيميائية ضارة لتنظيف الملابس أو الجلد
  • ألم في المعصم أو إصابة ناتجة عن سلوكيات تتضمن لف اليدين، مثل التأكد من إغلاق الأبواب والنوافذ والحنفيات بشكل صحيح
  • ألم في الظهر أو الرقبة نتيجة لحركات الجسم التكرارية
  • إرهاق جسدي نتيجة قضاء وقت في إعادة ترتيب الأشياء أو إعادة تنظيمها حتى تبدو “مناسبة تمامًا”
  • السلوكيات المهدئة للنفس مثل سحب الشعر (تريكوتيلومانيا)، مضغ الأظافر أو القرمة الجلدية – وهي جميعها قد تكون مرتبطة بـالوسواس القهري – يمكن أن تسبب ألمًا يمكن أن يستمر.

٢. يمكن أن يؤثر القلق على الجسم بشكل فيزيائي

وفقًا لمنظمة الصحة العقلية في أمريكا، هناك ارتباط قوي بين الألم المزمن واضطرابات الصحة العقلية، بما في ذلك القلق والاكتئاب.

على الرغم من أن الوسواس القهري لم يُصنَّف رسميًا كاضطراب قلق في الإصدار الأحدث من الكتاب التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية (DSM-5)، إلا أن الوسواس القهري عادةً ما يتضمن كمية كبيرة من القلق.

من المعروف تأكيدًا أن القلق يمكن أن يؤثر على الصحة العقلية والبدنية على حد سواء، جزئيًا بسبب ارتفاع مستويات هرمون التوتر المعروف بالكورتيزول في الدم، يمكن أن يظهر الأثر الجسدي للقلق أيضًا في الوسواس القهري.

يمكن أن تشمل الآثار الجسدية للقلق ما يلي:

  • الصداع أو الصداع النصفي
  • آلام في الجسم
  • مشاكل في الجهاز الهضمي
  • الغثيان
  • شعور بالوخز والتنميل

٣. الأبحاث تربط الوسواس القهري بالألم المزمن

يمكن أن تشير العلاقة الوثيقة بين الوسواس القهري والقلق إلى أنهما قد يشتركان في حالات مرضية مصاحبة مشابهة أيضًا، تشير دراسة من عام ٢٠١٥ إلى أن هناك تداخلًا كبيرًا بين الوسواس القهري واضطرابات القلق.

وفقًا لمؤسسة الروماتيزم، فإن القلق والتهاب المفاصل يحدثان معًا بشكل شائع، ويشيرون أيضًا إلى أن الحالتين يمكن أن تؤثرا في بعضهما البعض، حيث يجعل القلق الألم يبدو أسوأ والألم يزيد من القلق أو الوسواس القهري.

تشير دراسة من عام ٢٠١٤ إلى أن وسواس القهري، الذي يُعتبر رابع اضطراب نفسي شائع على مدى الحياة، له ارتباطات بالألم المزمن. يلاحظ الباحثون أن الوسواس القهري يتلقى اهتمامًا أقل في الأبحاث مقارنةً بغيره من الاضطرابات الصحية النفسية فيما يتعلق بالألم المزمن.

كما لاحظوا أن العوامل الثقافية، بالإضافة إلى عدم تشخيص الألم المزمن بشكل صحيح، يمكن أن تكون سببًا في قلة الدراسات أو فهم الارتباط بين الوسواس القهري والألم المزمن.

٤. الإيذاء الذاتي يمكن أن يصاحب الوسواس القهري

الإيذاء الذاتي هو فعل الإلحاق بأذى بالجسم بصورة متعمدة. في كثير من الحالات، يعتبر الإيذاء الذاتي آلية تكيفية للتعامل مع العواطف الصعبة أو الأفكار المتطفلة.

بعض الأشخاص الذين يعانون من الوسواس القهري لديهم أفكار متطفلة حول إيذاء أنفسهم أو الآخرين. يُشار في بعض الأحيان إلى هذا العرض بأنه الوسواس القهري المتعلق بالإيذاء الذاتي.

مثل باقي أعراض الوسواس القهري، يمكن للعلاجات مثل العرض والردة الاستجابية (ERP) أن تساعدك في التعامل مع هذه الأعراض المزعجة.

٥. الوسواس القهري يمكن أن يؤثر على إدراك الألم

في بعض الحالات، يمكن للوسواس القهري أن يجعلك تركز بشكل مفرط على الإحساس الجسدي، مما قد يزيد من شعورك بالألم بسبب تركيزك على الألم.

يمكن للوسواس القهري أن يظهر ليس فقط من خلال الأفكار المزعجة، ولكن أيضًا من خلال الإحساس الجسدي، التركيز على الإحساس يمكن أن يعني التركيز على حاجة جسدية، مثل الحاجة إلى التبول. أو قد تركز على وجود ألم في الظهر، مع القلق بأن هذا يعني أن هناك شيء خطير يحدث.

بهذه الطريقة، يمكن للأشخاص الذين يعانون من الوسواس القهري أيضًا أن يعانوا من اضطراب القلق المرتبط بالمرض، والذي يعتبر خوفًا من أن الإحساسات الجسدية تعتبر علامات لمرض ما.

علاج الوسواس القهري

يختلف علاج الوسواس القهري من شخص لآخر استنادًا إلى أعراضهم الفردية، في بعض الحالات، قد يتحسن أو يختفي أعراض الألم الجسدي عندما تتلقى علاجًا فعالًا لأعراض الوسواس القهري.

إذا كان لديك حالة مزمنة موجودة للألم، مثل التهاب المفاصل، من المهم مناقشة أفضل طرق العلاج وخيارات تخفيف الألم مع فريق الرعاية الصحية الخاص بك أيضًا.

وفقًا للمؤسسة العالمية للوسواس القهري، أكثر طريقتين ناجحتين تُستخدمان لعلاج الوسواس هما:

1- العلاج السلوكي المعرفي (CBT): نوع من الـ CBT يُسمى علاج التعرض (ERP) يمكن أن يساعد. ينطوي هذا العلاج على تعريض الشخص لمحفزاته والعمل مباشرة مع طبيب نفسي لتغيير استجابته للمحفزات.

2- العلاج بالأدوية

تقدم المؤسسة العالمية للوسواس القهري أيضًا عدة نصائح حول كيفية التعامل مع العلاج وإدارة أعراضك. قد تتضمن بعض الخطوات ما يلي:

توقع المفاجآت: يمكن أن تظهر الأفكار القديمة مرة أخرى، وقد تظهر أفكار جديدة، هذا كله جزء من العملية.اعترف بأفكارك، واتفق معها، وانتقل إلى الأمام. هذه الأفكار ليس لها إجابات حقيقية في النهاية.

تجنب محاولة “عدم التفكير” في الأفكار: محاولة منع الأفكار أو حجبها غالبًا ما تؤدي إلى تأثير معاكس، مما يؤدي إلى المزيد من الأفكار التطفلية.

قبول حدوث الانزلاقات: حتى إذا انخرطت في القيام بتصرف قهري، لا يزال هناك فرصة للتدخل أو للمحاولة مرة أخرى في المرة القادمة.

حاول التعامل مع أعراضك بشكل مستقل: الاعتماد على الآخرين قد لا يساعد كثيرًا، لأنهم قد لا يكونون متاحين دائمًا، ولكن ستكون دائمًا متاحًا لنفسك.

تقدم نحو القلق: الطريقة للتغلب على الخوف هي مواجهته.

إذا كنت تتعامل مع أعراض الوسواس القهري والألم الجسدي ، فأنت لست وحدك.

إذا كان ألمك يسبب لك ضائقة إضافية، يمكنك التحدث مع طبيبك حول طرق التعامل معه. يمكن أن يساعدك طبيبك النفسي في تعديل العلاجات أو الأدوية لمساعدتك على التعامل بشكل أفضل مع الألم الجسدي.