العلاج السلوكي الجدلي (DBT) هو نوع من العلاج السلوكي المعرفي. تتمثل أهدافه الرئيسية في تعليم الناس كيفية العيش في الوقت الحالي، وتطوير طرق صحية للتعامل مع التوتر، وتنظيم عواطفهم، وتحسين علاقاتهم مع الآخرين.
كان الغرض من العلاج السلوكي الجدلي في الأصل هو علاج اضطراب الشخصية الحدية (BPD) ، ولكن تم تكييفه لعلاج الاضطرابات النفسية الأخرى. فهو يمكن أن يساعد الأشخاص الذين يجدون صعوبة في التنظيم العاطفي أو يظهرون سلوكيات مدمرة للذات (اضطرابات الأكل). يستخدم هذا النوع من العلاج أيضًا في بعض الأحيان لعلاج اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD).
ثانيا: تقنيات العلاج السلوكي الجدلي:
اليقظة الذهنية (Mindfulness):
إحدى الفوائد المهمة لـ DBT هي تطوير مهارات اليقظة الذهنية. حيث تساعدك اليقظة على التركيز على الحاضر أو “العيش في اللحظة”. يساعدك هذا في الانتباه إلى ما يحدث بداخلك (أفكارك ومشاعرك وأحاسيسك ونبضاتك) وكذلك استخدام حواسك لضبط ما يحدث من حولك (ما تراه وتسمعه وتشمه وتلمسه) في عدم إصدار الأحكام.
تساعدك مهارات اليقظة الذهنية على التمهل والتركيز على استخدام مهارات التأقلم الصحية عندما تكون في خضم الألم العاطفي. يمكن أن تساعدك الاستراتيجية أيضًا على البقاء هادئًا وتجنب الانخراط في أنماط التفكير السلبية التلقائية والسلوك الاندفاعي.
احتمال الضائقة (Distress Tolerance):
تساعدك مهارات الاحتمال او التسامح مع الضيق على تقبل نفسك وموقفك الحالي. ستتعرف على أربع تقنيات للتعامل مع الأزمة:
الإلهاء
تحسين اللحظة
التهدئة الذاتية
التفكير في إيجابيات وسلبيات عدم الاحتمال او التسامح مع الضيق
تساعد هذه التقنيات على إعدادك للمشاعر الشديدة وتمكينك من التعامل معها بنظرة أكثر إيجابية على المدى الطويل.
فاعلية التعامل مع الآخرين Interpersonal Effectiveness)):
تساعدك تعلم مهارات فاعلية التعامل مع الآخرين على أن تصبح أكثر حزمًا في العلاقة (على سبيل المثال: التعبير عن احتياجاتك والقدرة على قول “لا” في الوقت المناسب) مع الحفاظ على العلاقة إيجابية وصحية. سوف تتعلم مهارات الاستماع والتواصل بشكل أكثر فاعلية، والتعامل مع الأشخاص الذين يمثلون تحديًا، وأيضا تعلم احترام نفسك والآخرين.
تنظيم المشاعر (Emotion Regulation):
يتيح لك تنظيم المشاعر التحكم في المشاعر القوية بطريقة أكثر فاعلية. ستساعدك المهارات التي تتعلمها على التعرف على مشاعرك وتسميتها وتغييرها. عندما تكون قادرًا على التعرف على المشاعر السلبية الشديدة والتعامل معها (على سبيل المثال: الغضب)، فإنه يقلل من ضعفك العاطفي ويساعدك على الحصول على تجارب عاطفية أكثر إيجابية.
ثالثا: ماهي الاضطرابات التي يعالجها العلاج السلوكي الجدلي؟:
تم تطوير DBT في أواخر الثمانينيات من قبل الدكتورة مارشا لينهان وزملاؤها حيث أضافت الدكتورة لينهان وفريقها تقنيات وطوروا علاجًا لتلبية الاحتياجات الفريدة لمرضى اضطراب الشخصية الحدية. وقد اثبت فاعليته للاضطرابات النفسية الأخرى.
قد يكون DBT علاجًا فعالًا لـ:
اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه (ADHD)
اضطراب ثنائي القطب
اضطراب الشخصية الحدية (BPD)
اضطرابات الأكل (مثل فقدان الشهية العصبي والشره العصبي)
اضطراب القلق العام (GAD)
اضطراب الاكتئاب الشديد
إيذاء النفس غير الانتحاري
اضطراب الوسواس القهري
اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD)
السلوك الانتحاري
رابعا: فوائد العلاج السلوكي الجدلي:
في العلاج السلوكي الجدلي، يعمل المريض والمعالج على حل التناقض الواضح بين (قبول الذات والتغيير) لإحداث تغييرات إيجابية في الفرد اثناء العلاج. يتضمن جزء من هذه العملية تقديم التحقق، مما يساعد الناس على أن يصبحوا أكثر عرضة للتعاون وأقل عرضة للتوتر عند فكرة التغيير.
القبول والتغيير: ستتعلم استراتيجيات لقبول وتحمل ظروف حياتك وعواطفك ونفسك. ستطور أيضًا المهارات التي يمكن أن تساعدك على إجراء تغييرات إيجابية في سلوكياتك وتفاعلك مع الآخرين.
الجانب السلوكي: ستتعلم كيفية تحليل المشكلات أو أنماط السلوك المدمر واستبدالها بأخرى صحية وفعالة.
الجانب الادراكي: ستركز على تغيير الأفكار والمعتقدات والسلوكيات والأفعال غير الفعالة أو غير المفيدة.
التعاون: ستتعلم كيفية التواصل بفعالية والعمل معًا كفريق واحد (معالج، معالج جماعي، طبيب نفسي).
المهارات: ستتعلم مهارات جديدة لتعزيز قدراتك.
الدعم: سيتم تشجيعك على التعرف على نقاط قوتك وسماتك الإيجابية وتطويرها واستخدامها.
خامسا: فاعلية العلاج السلوكي الجدلي:
نظرًا لأن هذا النهج في العلاج قادر على مساعدة الأشخاص في تحسين مهاراتهم في التأقلم بنجاح، فإنهم قادرون على تطوير طرق فعالة لإدارة المشاعر القوية والتعبير عنها. وجد الباحثون أيضًا أن DBT فعال بغض النظر عن عمر الشخص وجنسه وعرقه:
بالنسبة لـ اضطراب الشخصية الحدية: لقد وجدت الدراسات أن العلاج السلوكي الجدلي فعال في علاج اضطراب الشخصية الحدية وفي تقليل مخاطر الانتحار لدى الأفراد المصابين باضطراب الشخصية الحدية. وجدت إحدى الدراسات أنه بعد عام من العلاج، لم يعد أكثر من 75٪ من الأشخاص المصابين باضطراب الشخصية الحدية (BPD) يستوفون المعايير التشخيصية للحالة.
للسلوك الانتحاري: وجدت دراسة أخرى أن التدخلات التي تضمنت التدريب على المهارات كعنصر علاجي بدت أكثر فاعلية في الحد من الانتحار من DBT بدون تدريب على المهارات.
للحالات الأخرى: ركزت معظم أبحاث DBT على فعاليتها للأشخاص الذين يعانون من اضطراب الشخصية الحدية والذين لديهم أفكار عن الانتحار وإيذاء النفس، ولكن يمكن أن تكون الطريقة أيضًا علاجًا ناجحًا للحالات الاخرى. على سبيل المثال: توصلت الأبحاث إلى أن هذا النوع من العلاج يبدو فعالًا أيضًا في علاج اضطراب ما بعد الصدمة والاكتئاب والقلق.
سادسا: أشياء تأخذ في الاعتبار:
يتطلب العلاج السلوكي الجدلي التزامًا كبيرًا بالوقت. بالإضافة إلى جلسات العلاج المنتظمة، يُطلب من الأشخاص أيضًا أداء “واجبات منزلية” للعمل على مهارات خارج جلسات الاستشارة الفردية والجماعية والهاتفية. قد يشكل هذا تحديًا للأشخاص الذين يجدون صعوبة في مواكبة هذه المهام بشكل منتظم.
قد تكون ممارسة بعض المهارات أيضًا تحديًا لبعض الأشخاص. في مراحل مختلفة من العلاج، يستكشف الناس التجارب المؤلمة والألم العاطفي، والذي قد يكون مزعجًا.
المصدر:
Schimelpfening, N. (2021, May 6). What Is Dialectical Behavior Therapy (DBT)? Verywell Mind. https://www.verywellmind.com/dialectical-behavior-therapy-1067402.
الكاتب: ابتهال ابراهيم بن علي
اخصائي العلاج النفسي العيادي
الماجستير في علم النفس العيادي – الولايات المتحدة الامريكية