ماذا يصنع انسان حينما يجد عنده أعراضاً لاضطرابات نفسية مثل القلق والاكتئاب والوساوس القهرية ونوبات الهلع وغيرها من الاضطرابات النفسية؟
المشكلة أن كثيراً من الناس لا يعلمون ماذا يفعلون لعلاج المشكلات النفسية، وقد ينسبون الاضطراب النفسي إلى أسباب غيبية أي إلى عالم الغيب كأن يقولوا أن سبب هذا الاضطراب النفسي هو الإصابة بالعين الحاسدة، أو أن أحداً من الناس الذين يضمرون الشر لصاحب العلاقة قد عمل له سحراً فوقع ضحية لهذا السحر المعمول، أو أن الشخص قد تعرض للمس من قبل الجن، و نحن هنا لا ننفي أو نقلل من أهمية ما يحصل في عالم الغيب لأن هذه أمور غيبية لا يعلمها إلا الله تعالى وتخضع لقدرة الله و لا يتحكم بها الإنسان فالله هو عالم الغيب والشهادة و قد جعل للإنسان عالم الشهادة مجالاً للعلم و العمل (ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع و البصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولاً). أما عالم الغيب فيقع خارج اختصاص الإنسان رغم إيمانه به وتوكله على الله في أمره واتباعه لما أوحي إلى النبي من القرآن في التعوذ بالله من شرور عالم الغيب. من أجل ذلك وحتى لا يخوض الإنسان في مجال خارج علمه وعمله كان لزاماً عليه أن يعزو أسباب الاضطراب النفسي إلى معطيات من عالم الشهادة أي إلى ما توصل إليه العلم البشري في هذا المجال، وأقصد بالعلم البشري أي الاكتشافات والحقائق العلمية التي توصل إليه الإنسان بفضل الله في مجال علم النفس والطب النفسي عن طريق البحث العلمي المستمر الذي يجري في مراكز البحوث والدراسات العالمية المعتمدة والموثوقة. وجواباً على السؤال المطروح أعلاه فإن الرجوع إلى أهل الخبرة والاختصاص في علم النفس والطب النفسي هو السلوك المناسب، لأن بإمكانهم تشخيص نوع الاضطراب النفسي وما يحتاجه الشخص من علاجات دوائية أو معرفية سلوكية. ففي الطب النفسي تتم معالجة الخلل الحاصل في التوازن الكيميائي للدماغ، وفي العلاجات التي يوفرها علم النفس طرائق غير دوائية مثل العلاج المعرفي السلوكي تساعد على تغيير الأفكار والمشاعر السلبية وتعديل السلوك غير المناسب. أما اللجوء إلى الذين يدعون المعرفة بالأسباب الغيبية فذلك مدعاة لتعريض الشخص إلى تفاقم المشكلة النفسية والزيادة في مستوى القلق والتدني في مستوى التكيف بسبب الخوض في المجهول وتجريب الوسائل غير المؤكدة والتي لم يتم التحقق منها علمياً.
