التربية والتعليم في عصر جائحة كورونا
يحتاج الإنسان في هذه الحياة إلى التكيف مع المحيط و التكيف هو عملية التعامل المثمر مع المحيط المتغير و المتجدد. و التربية في عصر أزمة كورونا تتطلب تكيفاً مع التعلم الالكتروني في المنزل عن بعد الذي جعل المنزل يجمع بين بيئة النشاط المدرسي و بيئة النشاط الأسري، و التكيف مع هذا نوع من التعليم و التعلم يتطلب رفع مستوى الدافعية له و خفض مستوى القلق منه، كما يتطلب الاستفادة من إيجابيات هذا الظرف الجديد و التقليل من سلبياته.
من إيجابياته جلب المعرفة إلى المنزل بسهولة و بأقل جهد و كلفة و وقت و سرعة الوصول لمصدر المعرفة و مراعاة متطلبات المنهاج بشكل منظم و التخلص من مشكلة التنمر أو التحرش التي قد يتعرض لها بعض الطلاب ومن التكتلات الطلابية ضد بعضهم البعض و الخصومات التي تحصل فيما بينهم و تعلم و تقليد بعض الممارسات والعادات الخاطئة لدى الطلاب مثل استخدام اللغة الفاحشة و التدخين و بعض الممارسات الخاطئة للمعلمين و هم يحاولون حفظ و ضبط النظام و التمييز غير المبرر أحيانا بين الطلاب.
سلبيات التعلم عن بعد
أما من حيث السلبيات فهناك صعوبة الالتزام في الجلوس وقتاً طويلاً أمام شاشة من أجل حضور الدروس الحصص التعليمية مما قد يؤدي إلى الملل و الضجر و التعب و التهرب من الحضور بأساليب ماكرة متعددة.
كذلك الافتقاد إلى الحركة اليومية و التفاعل الاجتماعي عن قرب و التعارف و تكوين أو تقوية الصداقات و القيام بالأنشطة الثقافية و الرياضية و الإعلامية و الترفيهية و تعلم المهارات الاجتماعية و تعلم الانضباط و مسايرة الأنظمة و القوانين في المجتمع المدرسي الذي يمثل عينة عن المجتمع الكبير.
كذلك مواجهة المعلمين صعوبة معرفة مدى تفاعل الطلاب مع المعلومات المقدمة و انتباههم و حضورهم العقلي و حالتهم النفسية و معرفة من لديه صعوبات في التعلم.
لذلك يجب ان تقف الأسرة إلى جانب الطالب في توفير الجو المناسب المادي و الاجتماعي و النفسي للحضور و تشجيع الطالب على الحضور و التأكد من حضوره، و ينصح الأهل بمساعدة الطالب على تشكيل موقف إيجابي من هذه العملية التعليمية و من الأسلوب الجديد في التعلم، و عدم اظهار مشاعر التململ أو التعب أو الاستياء أمام الأبناء من نظام التعلم عن بعد و الضجر من بقاء الأبناء في البيت طوال اليوم لأن ذلك سوف يعطي انطباعات سيئة للطالب عن عملية التعليم و عن علاقته بأهله.
كما ينصح القائمون على التعليم أن يوفروا الفرصة للطلاب للمشاركة و الاستراحة و الحوار الحي و المباشر والتأكد من انتباه الطالب و استيعابه للمادة الدراسية حتى لا يأخذه تشتت الانتباه أو الشرود أو السرحان أو الالتهاء بنشاط آخر لاعلاقة آخر بالعملية التعليمية.
و حتى يكون التعليم في المنزل عن بعد نافعاً لا بد من اتخاذ بعض التدابير قبل بدء العملية و فتح منصة التعليم و هي تحضير المحيط المادي و الاجتماعي و الجو النفسي، فإذا سجل الطالب حضوره كان قادراً على الحضور الجسدي و العقلي و العاطفي أي لديه الدافعية و الحافزية للانتباه و المشاركة و الجاهزية الجسدية و الاستعداد العقلي و النفسي للتعلم.
التربية والتعليم في عصر جائحة كورونا
و هناك نصائح عامة للأهل في توفير المناخ النفسي لكي تتولد عند الطالب الحافزية و الدافعية للمشاركة الفعالة بعملية التعلم و هي:
١- بيان أن التعلم عن بعد في ظرف وباء كورونا هو واحد من التدابير و الإجراءات الوقائية ضد انتشار الوباء و العدوى منه.
٢- اعتبار هذا الوباء حالة مؤقتة و زائلة و أن هناك جهود كبيرة تبذل للقضاء عليه
٣- التحدث عن الجوانب الإيجابية فقط للتعلم عن بعد.
٤- توفير أنشطة تعويضية عن أنشطة المدرسة الرياضية و الاجتماعية و الترفيهية كالاشتراك في النادي الرياضي و الخروج من البيت للترفيه و قضاء الحوائج و الزيارات و الالتقاء مع بعض الأصدقاء المناسبين.
٥- في كل يوم تعليمي يجب الاستيقاظ قبل موعد فتح المنصة بوقت كاف للتحضير النفسي و الجسدي و تهيئة مكان التعلم و ممارسة بعض التمارين الرياضية و تناول وجبة غذائية خفيفة وهذا من أهم النصائح في التربية والتعليم في عصر جائحة كورونا
٦- بالنسبة للمراقبة و الإشراف على استخدامات وسائل التواصل الاجتماعي، هناك بعض التطبيقات المساعدة مثل تطبيق بلاي استيشن يعمل على أجهزة android و ios و الذي يسمح بمعرفة من هم اللاعبين على الشبكة و ما ذا يلعبون كما يتيح هذا التطبيق استلام الاشعارات و التحذيرات الخاصة بالألعاب و يبين آخر الأنشطة التي قام بها الأصدقاء على الشبكة و يتابع عمل اللاعبين.
٧- التواصل مع المدرسين ليس فقط على المستوى التعليمي و لكن على المستوى النفسي و الاجتماعي للتعاون معاً في إنجاح عملية التعلم و التغلب على الصعوبات المصاحبة له
بقلم الدكتور سامر عرار
الاستشاري في علم النفس العلاجي
