لقد صارت اضطرابات النوم فى الوقت الحالى لاسيما مع ارتفاع معدلات القلق و التوتر من أكثر الإضطرابات شيوعاً ، فهناك قطاع كبير من الناس يعانى من اضطرابات النوم سواء الأرق أو الإفراط فى النوم أو الأحلام المفزعة أو الفزع الليلى أثناء النوم إلى غير ذلك من اضطرابات النوم الأخرى ، و سنتناول بمشيئة الله فى هذا الباب عرضاً موجزاً لمشاكل النوم التى يواجهها الإنسان فى خلال الحياة ، و كيف يمكنه أن يتغلب عليها .
بالنسبة لأسباب هذه الإضطرابات – أى اضطرابات النوم – فقد تكون هذه الإضطرابات :
- أولية المنشأ.
- نتيجة لمرض نفسي مثل الإكتئاب، الفصام.
- نتيجة لمرض عضوى مثل أزمة الصدر.
ما هو الأرق ؟ و ماهى أنواع الأرق ؟
يعد الأرق هو الأكثر شيوعاً بين اضطرابات النوم ، و لقد ساهمت الحياة المعاصرةفى ارتفاع معدلات الأرق فى هذه الآونة . فما هو الأرق ؟ هو قلة النوم أو بمفهوم آخر هو صعوبة النوم ، فقد يجد الشخص صعوبة فى البدء فى النوم و هذا يُسمى أرق الدخول في النوم أو الأرق الأولي، أو تكون الصعوبة فى أن يستمر الشخص فى نوم متصل أثناء الليل فهو كثيراً ما يستيقظ من نومه و يجد صعوبة فى العودة إلى النوم مرة أخرى ، و قد تكون المشكلة هى أن الشخص يستيقظ مبكراً دون أن يصل إلى القدر المشبع من النوم و هذا النوع من الأرق مميز لمرضى الإكتئاب و يُسمى أرق آخر الليل أو الأرق ما بين ذلك وهو النوم المتقطع.
أسباب الأرق:
- الأرق أولى المنشأ:
و هذا النوع من الأرق لا يكون نتيجة لمرض آخر سواء نفسى أو عضوى .
أسبابه :
- ينشأ هذا الأرق نتيجة لكثرة التفكير و التوتر قبل النوم مما يؤدى إلى صعوبة دخول الإنسان فى النوم.
- كثرة المشاكل اليومية و الضغوط التى يواجهها الإنسان فى خلال اليوم قد تدفع بالإنسان إلى الأرق أو هناك أصوات مزعجة أو المشاجرات العائلية كل هذا قد يُسبب الأرق .
- التوتر العصبى أيضاً يلعب دوراً مهماً فى الأرق ، فكلما كان الشخص أكثر توتراً كلما كان أكثر عرضة للقلق، كما أننا نجد أن الأرق يظهر بشكل ملحوظ فى الفترات التى يزداد فيها التوتر العصبى ، فعلى سبيل المثال تجد الطالب فى فترة الإمتحانات متوتراً جداً ، و لذا فإنه يعانى بشكل ملحوظ من أن ينال قسطاً قليلاً من النوم ، و كذلك الإنسان عندما يكون منتظر لحدوث شىء هام فى اليوم التالى .
- كذلك كثرة معصية الله عز و جل أثناء النهار ، و البعد عن ذكر الله عز و جل يجعل القلب قلقاً غير مطمئناً وهذا قد يؤثر على نوم الإنسان ، قال الله عز و جل : ” ألا بذكر الله تطمئن القلوب ” .
- الأرق الناتج عن مرض عضوى:
الأمراض العضوية تؤدى إلى الأرق أيضاً و تؤثر على نوم الإنسان، مثل:
- الألم الشديد الناتج عن الأمراض.
- أمراض الجهاز العصبى.
- أمراض القلب.
- أمراض جهاز الصدر مثل الأزمة الصدرية.
- أمراض الغدد الصماء.
- سوء التغذية.
- أيضاً تقدم العمر ( الكِبَر ): فمع تقدم عمر الإنسان تقل الفترة التى يقضيها الإنسان فى النوم (وقت النوم)
- الأرق الناتج عن مرض نفسي:
- الإكتئاب: و مريض الإكتئاب تكون مشكلته أنه يستيقظ من النوم فى وقت مبكر جداً دون أن يحصل على فترة كافية من النوم ربما تكون ساعة أو ساعاتين.
- الفصام: و مريض الفصام قد يحدث معه الارق بأنواعه الثلاثة ، فمثلاً المريض الذى يسمع أصوات تهدده بالقتل ، فإنه لا ينام خوفاً من أن يُقتل و كذلك الشخص الذى يشعر بأنه مراقب فإنه ققد يترك النوم بسبب هذه المراقبة ، فلقد قابلت ذات يوم مريضة فصام ، كانت تعتقد أن جارها يراقبها بكاميرات و هرباً من هذه المراقبة فكانت ترفض الأكل والنوم.
- القلق و التوتر: و القلق أيضاً قد يؤثر على نوم الإنسان بالأخص الدخول فى النوم، فإن مريض القلق لا يستطيع أن ينام بسهولة، و قد يستيقظ كثيراً أثناء النوم.
- الهلع: أيضاً يؤدى إلى الأرق.
- نوبة الهوس: فمريض الهوس يكون كثير الحركة، كثير الكلام، قليل النوم وأحيانًا لا ينام مطلقًا عدة أيام.
- الإضطرابات النفسية التى تحدث بعد الحوادث الشديدة: و فى هذه الإضطرابات كثيراً ما يستيقظ الشخص أثناء النوم على أحلام مخيفة و مفزعة.
- قد يحدث الأرق نتيجة لإضطرابات النوم الأخرى مثل:
- الأحلام و الكوابيس.
- الفزع الليلى.
- اضطراب النظام السيركادى للنوم و اليقظة.
متى نشخص الأرق أولى المنشأ؟
- أن تكون الشكوى الرئيسية للمريض هى صعوبة فى النوم أو عدم القدرة على الإستمرار فى النوم لفترة كافية وبالتالى يستيقظ مبكراً أو الإستيقاظ كثيراً أثناء النوم أو أن النوم غير كافِ وغير منعش لمدة شهر على الأقل.
- أصبح الإضطراب فى النوم يشكل ضغطًا شديدًا على المريض، و يؤثر سلبياً على علاقاته الإجتماعية و وظيفته وباقى الجوانب الحيوية فى حياته.
- لا يقتصر حدوث الأرق مع الناركوليبسيا أو اضطراب دورة النوم و اليقظة أو باقى اضطرابات النوم الأخرى.
- لا يحدث نتيجة لمرض عضوى أو نفسي.
- لا يكون ناتجاً عن التأثير الفسيولوجى لبعض المواد .
متى نشخص الأرق الناتج عن مرض آخر أو عن تعاطى المواد؟
- المريض يعانى من صعوبة فى الدخول فى النوم أو كثرة الإستيقاظ أثناء الليل أو الإستيقاظ مبكراً أو أن نومه غير كافٍ وغير منعش لمدة شهر على الأقل.
- أصبح الإضطراب فى النوم يشكل ضغطاً شديداً على المريض، و يؤثر سلبياً على علاقاته الإجتماعية و وظيفته وباقى الجوانب الحيوية فى حياته.
- وجود سبب الأرق سواء كان مرضاً عضوياً أو نفسياً .
علاج الأرق:
يعد علاج الأرق من أكثر العلاجات صعوبة فى الطب النفسى و لكن دعنا نبحث سوياً عن كيفية علاج الأرق:
أولاً : سلوكيات تساعدك على النوم :
- المحافظة على أذكار النوم، فكثير من المرضى الذين يعانون من الأرق (صعوبة الدخول فى النوم) وجدوا أنفسهم عندما يقرأون أذكار ما قبل النوم سرعان ما يدخلون فى سُبات عميق حتى أنهم لا يستطيعون الإنتهاء من قراءة الأذكار.
- المحافظة على قيام الليل ( صلاة الليل ) على الأقل ثلاث ركعات قبل أن تنام فإن هذا يجعل قلبك مطمئناً ودفع عنك الشيطان.
- حافظ على أن تنام و أن تستيقظ فى وقت ثابت يتفق مع ايقاع البدن فإن هذا من شأنه أن يجعل استفادة الجسم من وقت النوم أفضل.
- تجنب الشاى و القهوة و المنبهات فى المساء.
- تجنب الوجبات الثقيلة فى المساء ولا بأس بالعشاء الخفيف مع المحافظة على التغذية الجيدة و الأكل فى مواعيد منتظمة خلال اليوم.
- تجنب الرياضات العنيفة قبل النوم مع العلم بأن الرياضة الخفيفة فى المساء مثل المشى من 20 – 30 دقيقة قد يكون مفيداً جداً.
- احرص على أن تأخذ حمامًا ساخنًا قبل النوم.
- اجعل الجو المحيط بك مهيئاً للنوم و ذلك بتعديل الأشياء التى تزعجك مثل النور الساطع و الصوت المرتفع.
- التدريب على تمرينات التأمل فهذا مفيد جداً خصوصاً فى الأفراد القلقين.
- تجنب المشاجرات والتفكير فى الأشياء التى من شأنها أن تجعلك قلقاً و تشغل انتباهك.
- لا تذهب إلى الفراش إلا عند الحاجة إلى النوم.
- إذا ذهبت إلى فراشك و وجدت نفسك لا تستطيع النوم فعليك مغادرة الفراش فوراً.
- الفراش إنما أُعد للنوم فقط فلا تستخدمه فى أعمال أخرى.
- اجعل الفراش مُريحاً لا يابساً جداً و لا ليناً جداً فإن خير الأمور الوسط.
- اجعل درجة حرارة الغرفة ملائمة لا شديدة البرودة و لا الحرارة.
- تناول كوب دافىء من اللبن قبل النوم لأن اللبن يحتوى على التريبتوفان و هى مادة طبيعية تساعد على النوم.
- و أخيراً أقول لك اجعل قلبك صافياً طاهراً لا تحمل فيه حقداً أو غلاً على أحد فإن الحقد يقتل صاحبه.
ثانياً : العلاج باستخدام المنومات:
يجب العلم بأن المنومات تؤثر على فسيولوجية النوم و أيضاً تؤدى إلى الإعتمادية عليها و يحدث حين التوقف عن تعاطيها أعراض انسحابية لذا يجب عدم الإفراط فى تناولها و أن يكون تناول هذه الأقراص فى الضرورة القصوى وتحت الإشراف الطبي.
و هى تشمل:
- مجموعة البنزوديازيبين .
- مجموعة مضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقة مثل الأميتريبتلين.
- ترازودون .
- ميرتازيبين ( ريميرون ) و هو من أحسنها.
- مجموعة مضادات الذهان المهدئة مثل كوتايابن أو أولانزابين أو كلوزابين (ولكن هذا الأخير قد يسبب تعكير المزاج في الصباح).أو
ثالثاً : الأرق الناشىء عن مرض عضوى:
يجب علاج المرض العضوى، مثال: لو أن المريض يعانى من آلام تمنعه من النوم فالحل هو أن يأخذ مسكنات ويعالج سبب الألم.
رابعاً: الأرق الناشى عن مرض نفسى:
يجب علاج المرض النفسى:
- الإكتئاب: مضادات الإكتئاب.
- الهوس : يُعطى مضادات الذهان و مثبتات للمزاج مثل ديباكين، تجريتول.
- الفصام : مضادات الذُهان.
- القلق بأنواعه : فهذا يجب أن يتوجه إلى تمارين الإسترخاء، العلاج المعرفى السلوكى للقلق بالإضافة إلى العقاقير المضادة للقلق والإكتئاب مثل سيتالوبرام، و إسيتالوبرام .
خامساً: الأرق الناشئ عن تعاطى المواد:
و هذا يحتاج إلى الأدوية المضادة للقلق والإكتئاب و الذُهان.
ملحوظة :
- الشخص الذى يعانى من كثرة التفكير و القلق المفرط مما يسبب له فى حدوث الأرق يستفيد جداً من تمارين الإسترخاء و تقليل التوتر، و كذلك من العلاج المعرفى السلوكى.
- هناك نوع من الأرق يُسمى الأرق المتعلم، و فى هذا النوع من الأرق إذا دخل الشخص إلى غرفة نومه المعتادة فإنه لا يستطيع النوم، و تصبح هذه الغرفة المألوفة لدى الشخص هى العامل المثير الذى يسبب له الأرق، ويجلس الشخص فى سريره يفكر هل سينام أم لا، وتزداد مخاوفه تجاه عدم النوم مما يؤدى إلى زيادة القلق لديه فسيتأخر نومه أكثر فأكثر مما يؤدى إلى زيادة التفكير والخوف والقلق تجاه عدم النوم ويدخل الشخص فى دائرة مغلقة.
و الحل هو: أن يغير الشخص هذه الغرفة الذى اعتاد أن ينام فيها.
مثال: الأستاذ ( م . ع ) شاب فى الثلاثين من عمره يعانى من أرق لمدة سنة، كان كلما دخل إلى غرفته وجلس فى الفراش تأتيه مخاوف من أنه لن يستطيع النوم و يظل يفكر فى ذلك لفترات طويلة من الوقت و يزداد قلقه تدريجياً و بالفعل لا يستطيع أن يقع فى النوم، و كلما تأخر النوم كلما ازدادت الأفكار و المخاوف مما يؤدى إلى تأخر النوم أكثر و أكثر و فى النهاية لا يخرج من ليلته إلا بساعات قليلة من النوم، و بالتالى يظل طوال اليوم التالى فى معاناة شديدة بسبب قلة النوم فى الليلة السابقة، و ما أن غير غرفته التى اعتاد أن ينام فيها حتى استطاع أن يغرق فى نوم عميق مشُبع.