نتذكر في الواقع ذكريات إيجابية أكثر من الذكريات السلبية مع تقدمنا في العمر. لا نميل فقط إلى التركيز على التجارب الإيجابية مع تقدمنا في السن، حتى عند تذكر المزيد من الأحداث السلبية، ولكننا أيضًا نركز أكثر على الجوانب الإيجابية لهذه التجارب، وما تعلمناه وكيف تطورنا. وهذا التحيز الإيجابي في التذكر مع تقدم العمر له آثار مفيدة على رفاهيتنا الشخصية وسلوكنا تجاه الآخرين.
استعرض بحث جديد أجرته إريكا سبارو وزملاؤها، نُشر حديثا في مجلة علم النفس والشيخوخة، 16 دراسة حول الشيخوخة والإيثار، متسائلاً عما إذا كان الناس يصبحون أكثر كرمًا وعطاءً مع تقدمهم في السن. الإجابة هي نعم -بغض النظر عن الوضع المالي أو مستوى التعليم أو الجنس، استجاب كبار السن بسخاء أكبر عندما طُلب منهم تقديم موارد أو مساعدة غيرهم من الشباب. يبدو أن تذكر الأوقات الجيدة في حياتنا يمتد إلى الشعور بالرضا عن الآخرين.
لذلك ربما نحتاج جميعًا ببساطة إلى التفكير بأفكار سعيدة. هل يمكن حقا أن يكون بهذه السهولة؟ ذكرت مارا ماهر، في مجلة Memory and Emotion، أن التركيز على الجوانب الإيجابية لماضينا مع تقدمنا في السن يبدو أنه مقصود، وهي عملية محددة موجهة نحو الهدف لخلق ذكريات أكثر إيجابية من أجل زيادة إحساسنا بالرفاهية.
إن التذكر بشأن التجارب الإيجابية يجعلنا نشعر بتحسن تجاه أنفسنا وأكثر تفاؤلاً بشأن المستقبل. مع تقدمنا في العمر، نصبح أكثر قدرة على التركيز على هذه الجوانب الإيجابية من ماضينا لتنظيم مزاجنا، وجعلنا نشعر بتحسن تجاه أنفسنا، ومواجهة مستقبل غير مؤكد بمزيد من الاتزان. لذلك هناك على الأقل بعض الأشياء الجيدة حول تقدم العمر! ولكن هل يجب أن نتقدم في السن لجني هذه الفوائد؟
ربما لا. يشير سطرين من البحث إلى أنه يمكننا الانخراط عمدًا في استعادة واسترجاع التجارب الإيجابية في حياتنا بطرق تفيدنا، بغض النظر عن عمرنا. طورت آتيكا كونتراكتر وزملاؤها تدخلاً علاجيًا للأفراد الذين يعانون من إجهاد ما بعد الصدمة. يُطلب من الأفراد تذكر تجارب إيجابية محددة، والكتابة عنها، وسردها، والتوسع في التفاصيل، وهذا التمرين يخفف من مشاعر التوتر والقلق. يبدو أن مساعدة هؤلاء الأفراد على استعادة ومعالجة المزيد من الذكريات الإيجابية من حياتهم علاج فعال.
ولم يقتصر الأمر على الأفراد الذين عانوا من الصدمة. يبدو أن استدعاء وسرد التجارب الإيجابية يعمل مع الكثير من الناس. على سبيل المثال: وجد إرنست بولماير وزملاؤه أن الأشخاص الذين يعانون حتى من الاكتئاب الخفيف أو الإجهاد اليومي يستفيدون من “تمارين الامتنان”، وهي مذكرات يومية حيث يكتب الأفراد عن التجارب الإيجابية في يومهم ويفكرون في التجارب السابقة التي يشعرون بالامتنان لها. إن أخذ الوقت الكافي للتفكير في التجارب الإيجابية في حياتنا والتوسع فيها والتفكير فيها يوفر منظورًا ويعزز إحساسنا بالرفاهية، بغض النظر عن سننا.
ويمكننا أن نبدأ هذه العملية مع أطفالنا! قام أندريا هوسونج وجينيفر كوفمان بتطوير برنامج محادثات الامتنان لمساعدة الآباء على بدء محادثات مع المراهقين والاطفال قبل سن المراهقة التي تساعدهم على تعزيز الامتنان.أظهر بحث من The Family Narratives Lab فوائد لا تعد ولا تحصى لتذكر الذكريات بين الآباء والأطفال، بما في ذلك مساعدة الأطفال على تعلم مواجهة التحديات وتنظيم عواطفهم. المحادثات بين الوالدين والاطفال حول التجارب السابقة التي يشعر فيها الأطفال بالامتنان بالمثل، تساعد الأطفال على بناء فهم للعائلة والمجتمع كنظم دعم وتساعد الأطفال على فهم أنهم جزء من المجتمع الذي يعطي ويتلقى، مجتمع الرعاية المتبادلة. إن تذكر تجاربنا الإيجابية في سياق ممتن يبني احترام الذات والإيثار والكرم.
الكاتب: ابتهال ابراهيم بن علي
اخصائي العلاج النفسي العيادي
الماجستير في علم النفس العيادي – الولايات المتحدة الامريكية
المصدر:
Fivush, R. (2021, August 14). Our memories become more positive with age. Psychology Today. https://www.psychologytoday.com/us/blog/the-stories-our-lives/202108/our-memories-become-more-positive-age.